عليه
الرسولُ صلى الله عليه وسلم؛ كما قال: «مَا
أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»، ولم يأخذوا بمذهبِ الجهميةِ أو
المعتزلةِ أو الخوارجِ أو غيرِهم من الفِرَق، إنما أخذوا منهجَ أهل السُّنّة
المتمسكين بالسُّنة.
ثالثًا: «والجماعة»، سُمُّوا
بالجماعة؛ لأنهم مجتمعون على الحق، ليس بينهم اختلاف، لا يختلفون في عقيدتِهم،
إنما عقيدتُهم واحدة، وإن كانوا يختلفون في المسائلِ الفقهية والمسائلِ الفرعيةِ
المستنبَطة، فهذا لا يضر، الاختلافُ في الفقهِ لا يضر؛ لأنه ناشئٌ عن اجتهاد،
والاجتهادُ يختلف، والناسُ ليسوا على حدٍّ سواء في مَلَكَةِ الاجتهاد، أما
العقيدةُ فإنها لا تَقْبَلُ الاجتهاد، بل يجبُ أن تكونَ واحدة؛ لأنها توقيفية، قال
تعالى: ﴿إِنَّ
هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]، هذه أمةٌ واحدةٌ لا تقبلُ الاختلاف،
تعبدُ ربًّا واحدًا، وفي الآية الأخرى: ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠
رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ ٥٢فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ
بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ٥٣﴾
[المؤمنون: 52- 53].
ذَمّ الذين اختلفوا؛ لأن الاختلافَ في العقيدةِ لا يجوز، فاللهُ أمَرَهم أن يكونوا أُمّةً واحدة فعصَوْه،﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ﴾ [المؤمنون: 53]، أي: كُتبًا؛ كما قال قتادة ومجاهد ([1])، كلُّ واحدٍ عنده كتاب، وكلُّ واحدٍ عنده عقيدة، وعقيدةُ هذا غيرُ عقيدة هذا، ﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53] كلٌّ يرى أنه على الحق وغيرَه على الباطل،
([1]) أثر قتادة أخرجه: عبد الرزاق في « تفسيره » (3/ 46)، والطبري في « تفسيره » (18/ 29).
وأثر مجاهد أخرجه: الطبري أيضًا في « تفسيره » (18/ 30). وانظر: « الدر المنثور » (6/ 103).
الصفحة 2 / 27