·
والإيمانُ
بالقَدَر على أربعِ مراتبٍ لا بُدّ من الإيمان بها كلِّها:
المرتبةُ الأولى: الإيمانُ
بأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى علِم كلَّ شيءٍ بعلمِه الأزلي الذي هو موصوف به أزلاً
وأبدًا، وهذه المرتبةُ هي التي نفاها غُلاةُ القَدَرية.
المرتبةُ الثانية: الإيمانُ
بأن اللهَ كتبَ في اللوحِ المحفوظِ كلَّ شيءٍ، لحديث: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ تبارك وتعالى الْقَلَمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ:
اكْتُبْ، قَالَ: وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا يَكُونُ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى
أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ» ([1])،
واللهُ جل وعلا يقولُ: ﴿مَآ
أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ﴾ [الحديد: 22] الكتابُ هو اللوحُ المحفوظ ﴿مِّن قَبۡلِ
أَن نَّبۡرَأَهَآۚ﴾ أي
نخلقُها ﴿إِنَّ
ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ﴾
[الحديد: 22]، والكِتابةُ «قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى
الْمَاءِ» ([2])،
فالكتابةُ سابقةٌ بأزمان على خَلقِ السمواتِ والأرض.
المرتبةُ الثالثةُ: مرتبةُ
المشيئةِ والإرادة، فكلُّ شيءٍ يقعُ فهو بمشيئةِ اللهِ وإرادته، وفي هذا ردٌ على
القدرية، فلا يكونُ في مُلكِه سبحانه وتعالى ما لا يشاؤُه ولا يريدُه﴿وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ
مَا ٱقۡتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [البقرة: 253]، فكلُّ شيءٍ يحدثُ فقد شاءه اللهُ وأراده
بعد ما علِمه وكتبَه في اللوحِ المحفوظ.
المرتبةُ الرابعة: مرتبةُ الإيجادِ والخَلْق، عَلِمَه وكَتَبَه وشَاءَهُ وخَلَقَهُ سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4700)، والترمذي رقم (3319)، وأحمد رقم (22707)، والحاكم رقم (3693).