نبذة
عن شيخ الإسلام الإمام محمد بن
عبد الوهاب رحمه الله تعالى
****
وفي هذهِ الأثناءِ أظهر اللهُ شيخَ الإسلام محمدًا بنَ
عبد الوهاب، وأعطاه اللهُ من الذكاءِ والفطنةِ ما جعله يُدركُ ما عليه الناس، فكان
من صغرِه يقرأُ ويلاحظُ ويُطالعُ في كتبِ الشيخين ابنِ تيمية وابن القيّم، ويقرأ
في كتبِ السلف، هو وحده فقط، ثم إنه لم يكتفِ ببلده، فسافر إلى البلادِ الأخرى،
سافر إلى مكةَ حاجًّا وأخذَ عن علمائِها، وسافر إلى المدينة زائرًا للمسجدِ النبوي
وأخذ عن علمائِها، ثم سافر إلى الأحْساءِ وأخذ عن علمائِها، ثم سافر إلى العراق،
وقصَد البصرة، ولقِي فيها من العلماءِ مَنْ لقي، وتتلمذ عليهم وتعلَّم منهم ونسخَ
من الكتب، ثم أراد أن يسافرَ إلى الشامِ ولكن لم يتيسرْ له ذلك، ثم رجع إلى بلاده
وكان حزينًا وأسِفًا مما عليه الناس، ولم يسَعْه السكوتُ على ما عليه الناسُ كما
وسِع علماءَ زمانِه، فبدأ بالدعوةِ على بصيرةٍ وهدى.
بدأ كالدعوةِ في بلدةِ حُريْملاءِ، مقرُّ أبيه حيث كان
قاضيًا فيها، ثم إنه لم يطِب له المقامُ فيها فرحل إلى العُيَينة وكانت تحتَ إمرةِ
ابنِ مَعْمر، وعرض على أميرِها هذه الدعوةَ فتقبَّلها الأمير، ونَاصَر الشيخَ
وقامت الدعوة، وبدأ الشيخُ بتغييرِ المُنكرات، فهدمَ القُبَّة التي على قبرِ زيد
بن الخطاب في العُيَيْنة، التي كان الناسُ يقصُدُونها، وأقام حدَّ الزنا، فرجمَ
الزانيةَ التي اعترفت.
فلما بلغ أميرَ الأحساءِ ابن عُريْعر الخالدي غضب على ابن مَعْمر، وتهدَّده بأن يقطعَ ما يعطيه من المُرتب إن لم يطردْ هذا المُطوِّع من
الصفحة 1 / 27