بلدِه، فابنُ معمرٍ عرض على الشيخِ ما جاءه من
التهديد، فالشيخُ أراد أن يطمئنَه فقال له: ما عندَ اللهِ من الرزق خيرٌ لك مما
يعطيك فلان، عليك أن تتوكلَ على الله، والله جل وعلا يكفي من توكَّلَ عليه،
ويُغنيك الله عن ذلك.
لكنَّ الرجلَ ما اقتنع وطلب من الشيخِ المغادرة، وغادر
الشيخُ رحمه الله العُيَيْنة، إلى أين يذهب؟ ذهب إلى الدرعية، وكان فيها الأميرُ
محمدُ بن سعود، وكان الأميرُ ابنُ سعود مِثلَ غيرِه من الأمراء، يمشون على ما هم
عليه، ويسمعون عن هذا المطوِّع الذي جاء للعُيَيْنة ويأخذون حذرَهم منه، ولكنَّ
الشيخَ ذهب إلى تلميذٍ له يقال له ابنُ سُويْلم في الدرعية، ونزل ضيفًا عنده، ولم
يعلمْ به أحد، كان أمرُه خُفية.
علمت امرأةُ الأميرِ بقدومِ الشيخ، وكان قد هداها اللهُ
وسمعت بدعوةِ الشيخِ واقتنعت بها، فقالت لزوجِها الأمير محمدِ بنِ سعود: هذا
العالمُ الذي جاء إلى بلادِك رزقٌ ساقَه اللهُ إليك، فاغتنِمْه قبلَ أن يأخذَه
غيرك. فما زالت به حتى اقتنع بقولِها، فقال: قولوا له يَجِيئني، فقالت: لا، إذا طلبته
قال الناس: يريد أن يعذِّبَه، أو يريد أن يقتلَه، لكن اذهب له أنت لكي يقدّره
الناس -انظر إلى حنكتها وسياستها رحمها الله - فذهب الأميرُ إلى بيتِ ابن سويلم،
وكان ابنُ سُويلم خائفًا على الشيخ، ولما جاء الأمير زاد خوفه، فدخل الأمير على
الشيخ وسلَّم عليه، وعرضَ عليه الشيخُ أمرَه فشرح اللهُ صدرَه لهذه الدعوةِ وقبلها،
ووعد الشيخُ بأن يناصرَه وأن يقومَ معه، وتعاهدا على ذلك.
ومن ذلك الوقتِ قامت الدعوةُ في الدرعية، وجلس الشيخُ للتدريسِ والمُناصحةِ والكتابة، وصار الطلابُ يتوافدون عليه، ووجد من يأْويه