×

 فأثبتَ للعبدِ مشيئةً في قوله: ﴿لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَسۡتَقِيمَ، ثم قال: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ، هذا ردٌّ على القدرية، فأول الآية ردٌّ على الجبرية، وآخرها ردٌّ على القدرية، فالآية فيها ردٌ على الطائفتين.

وقوله: ﴿لِمَن شَآءَ هذا ردٌّ على الجبريةِ الذين ينفون مشيئةَ العبدِ وإرادتِه، وأنه يُحَرَّك بدونِ اختيارٍ منه، وقوله: ﴿إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ ردٌّ على القدريةِ الذين ينفون القدرَ ويغلون في إثباتِ مشيئةِ العبد، ويقولون: إنَّ العبدَ يشاءُ ولو لم يشأ اللهُ ولو لم يُقدِّر الله، هو يفعلُ ويشاءُ بابتداعِه وإيجاده هو. وبعضُهم يقول: اللهُ لا يعلمُ أفعالَه قبلَ أن تقع، وهؤلاء هم الغلاة، وبعضُهم يقول: يعلمُها لكنه لم يقدِّرها. هذا هو ملخصُ البحثِ في هذه المسألة.

والقضاءُ والقدرُ ثابتٌ في كتابِ الله وفي سنَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، قال اللهُ تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا [الفرقان: 2]، وقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ [القمر: 49]، وقال: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [التكوير: 29].

وفي السُّنَّة: حديثُ جبريلَ لما قال للرسولِ صلى الله عليه وسلم: أخبرني عن الإيمان، قال: «الإِْيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (8) واللفظ له.