كثيرٍ والذهبي، وغيرِهم من الأئمةِ الكبار،
فانتشرت الدعوة، وبزغ فجرُ الدعوة والتجديد في دينِ الإسلام، والرد على الشُّبَه
وعلى الضلالات من شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ وتلامذتِه رحمهم اللهُ تعالى.
ثم جاءت حِقَبٌ متواليةٌ ضَعُفَ فيها مذهبُ أهلِ السُّنَّة،
وكَثُرت البدع، وانتشرت الضلالات، فبعد عصرِ شيخِ الإسلامِ وتلاميذِه، جاء عصرُ
الركودِ وعصرُ الجمودِ وعصرُ التقليدِ الأعمى، وبلادُ نجدٍ ما كانت تُذكَر، بل
مغفورٌ عنها، تُعتبر باديةٌ أو شِبه بادية، قرى ومزارع وبادية، ليس فيها مطمع
لأحد، وكلُّ بلدةٍ عليها أميرٌ يحكُمُها مستقلٌ بها عن الآخر، فأميرُ عِرْقة لا
يخضعُ لأميرِ الدِّرعية مع ما بينهما من التقارب، كلُّ واحدةٍ تُعتبر مملكةٌ
مستقلة.
وكان علماءُ الحنابلةِ في نجدٍ معنيين بالفقه، يُدوِّنون
الفقهَ ويُحرِّرونه ويُؤلفون فيه وينسَخُونه ويدرسونه، أما في العقيدةِ فكانوا على
عقيدةِ الأشاعرة وعقيدةِ الماتْرِيدية، وعندهم تصوُّف وعندهم بدع، وعندهم ما عند
البلاد الأخرى، بل يزيدون بكثرةِ الجهلِ بينهم في باديتِهم وفي قراهم، نعم كان في
القرى علمًا لكنهم علماءُ فقهٍ فقط، وكانوا يذهبون إلى الشامِ يتتلمذون على علماءِ
الشامِ الحنابلة، ويحملون عنهم الكتبَ والفقهَ في مذهبِ الإمامِ أحمد.
وهذا خيرٌ كثير، لكنَّ العقيدةَ ليس لهم بها اهتمام،
الناس كلٌّ على ما هو عليه، من صوفية وقُبورية وشرّ، والسَّحَرَةُ لهم نشاط،
والكُهّانُ لهم نشاط، والقبائلُ تُحكمُ بالأعرافِ القبَلية، وهكذا.
***
الصفحة 4 / 27