قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «تختلف
المطالع باتفاق الأئمة» ([1]).
لا يمكن أن الهلال
يرى في جميع الأرض؛ لأن سير الهلال يختلف؛ فيظهر عندنا، ولا يظهر في أمريكا، إلا
بعدنا -مثلاً-، أو يظهر في المشرق، ولا يظهر عندنا في المغرب، إلا في الليلة
الثانية، الهلال يختلف مطلعه، فكل قوم لهم رؤيتهم.
الدليل على هذا: أن معاوية رضي الله عنه وأهل الشام صاموا برؤية الهلال عندهم، جاء رجل يقال له كريب من الشام قادمًا إلى المدينة، فأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أنهم في الشام رأوا الهلال، وصاموا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلاَ نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاَثِينَ، أَوْ نَرَاهُ» ([2])، فلم يصم لرؤية معاوية رضي الله عنه وأهل الشام؛ لأن المدينة تختلف عن الشام في المطلع، وهذا واضح من ناحية الدليل، وواضح -أيضًا - من ناحية الحساب الفلكي ومنازل القمر.
([1])قال شيخ الإسلام رحمه الله: «تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بها، فإن اتفقت لزمه الصوم إلا فلا». انظر: الفتاوى الكبري (5/375)، وقال رحمه الله: «فضل: مسأله رؤية بعض البلاد رؤية لجميعها: فيها اضطراب فإنه قد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الاختلاف فيما يمكن اتفاق المطالع فيه فأما ما كان مثل الأندلس وخراسان فلا خلاف لأنه لا يعتبر. قلت: أحمد رقم اعتمد في الباب على حديث «الأعرابي الذي شهد أنه أهل الهلال البارحة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس على هذه الرؤية» مع أنها كانت في غير البلد وما يمكن أن تكون فوق مسافة القصر ولم يستفصِله وهذا الإستدلال لا ينافي ما ذكره ابن عبد البر، لكن ما حد ذلك؟». انظر: مجموع الفتاوي (25/ 103).