×

 وهذا فيه: أن الإسلام شُرِعَ بالتدريج شيئًا فشيئًا، أول ما فُرِضَ على الناس وأول ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم التوحيد، تصحيح العقيدة، أول ما بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته للناس أنه يقول لهم: قولوا لا إله إلا الله؛ أي: اعبدوا الله، واتركوا عبادة ما سواه من الأصنام. ومكث على هذا ثلاث عشرة سنة في مكة يدعو إلى التوحيد، ولم يفرض عليه شيء، إلا قبيل الهجرة بأشهر، فرضت الصلاة ليلة المعراج، قبيل الهجرة إلى المدينة، صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، ثم هاجر.

ثم فرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة، وفُرِضَ الصيام -أيضًا - في السنة الثانية من الهجرة النبوية، والحج فُرِضَ في السنة التاسعة من الهجرة.

فالإسلام جاء بالتدريج شيئًا فشيئًا، ولم يأت دفعة واحدة؛ لأن هذا يشق على الناس، ولم يألفوه، من حكمة الله جل وعلا أنه تدرج بهم.

ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن داعيًا إلى الله وقاضيًا ومعلمًا، قال له: «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (737)، ومسلم رقم (19).