فالاختلاف أكثر مما يفهمه
بعض الناس، فبعض الناس يفهم إنه لا يُرد إلى الكتاب والسنة إلا في الخصومات بين
الناس في أموالهم ونزاعاتهم وخصوماتهم، وهذا فهم قاصر؛ لأن الاختلاف الذي يجب أن
يرد إلى الكتاب والسنة أكثر وأخطر من هذا، أخطر من الاختلافات في الأموال
والاستحقاقات: فالاختلاف في المناهج والأفكار، والاختلاف في المسائل الفقهية
والاستنباط، والاختلاف في العقائد، كل ذلك أخطر من اختلافهم في أموالهم، فهناك
خلاف أخطر من أن يختلف الناس في شاة أو في بعير أو في بيت أو في مزرعة، وهو الخلاف
في الأفكار وفي المناهج التي شتت الناس اليوم، كما شتتهم في الماضي ولم يحسم هذا
النزاع ولم يرد الناس إلى طريق الصواب، ولم يقطع الطريق على المفسدين إلا الرجوع
إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فكتاب الله وسنة رسوله صلح عليهما
سلف هذه الأمة، ولا يمكن أن يصلح آخر هذه الأمة إلا إذا صلح به أولها كما يقول
الإمام مالك بن أنس رحمه الله.
فالواجب علينا
جميعًا الرجوع إلى كتاب الله ونبذ الخلافات والأهواء والتعصبات لفلان أو لعلان، أو
لمنهج فلان، فلننبذ هذا كله ولنرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله، فما دل عليه الكتاب
والسنة فهو الصحيح، وإن كان عليه عدونا، وما خالف الكتاب والسنة فهو الباطل، وإن
كان عليه حبيبنا وصديقنا، الحق أحق أن يتبع.
ولا بد من أن نفعل ذلك، وإن لم نفعل فإننا لا يمكن أن نقضي على هذا الاختلاف وهذا النزاع، ولا يمكن أن يقنع الناس ويوحد بين القلوب إلا الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،