المحاضرة الثالثة والستون
حكمُ
الانتماء إلى الأحزاب والفِرَق
**********
بسم الله الرحمن الرحيم ([1])
الحمد لله رب العالمين،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد كان العالم قبل
بعثة محمد صلى الله عليه وسلم في جهالة جهلاء، وضلالة عمياء، كانوا متفرقين
متناحرين، في ذلك العرب أو العجم حتى أهل الديانات من اليهود والنصارى كانوا أسوء
الناس في هذا المجال؛ لأنهم حرفوا كتابهم وغيروا وبدلوا، فوقعوا في كفر وضلال
مبين، فما بالك بمن ليس له كتاب من الأميين؟
ثم إن الله سبحانه وتعالى نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب كانوا على الدين الصحيح الذي لم يغير ولم يبدل ولكنهم انقرضوا قبل البعثة، فالله سبحانه وتعالى أراد أن يرحم هذا العالم، فأرسل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، فقال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، بعثه الله من أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، قال تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ١هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٢﴾ [الجمعة: 1-2]،
الصفحة 1 / 564