المحاضرة الخامسة والخمسون
عقيدتنا
في الولاء والبراء
**********
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب
العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أن يكون في العباد مؤمن، وكافر، ومنافق، وعاص وفاسق، فهم ليسوا على درجة واحدة، قال سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [التّغَابُن: 2] وبين القسمين قسم لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء وهو المنافق ﴿مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِۚ﴾ [النساء: 143]، وقسم مؤمن ناقص الإيمان وهو الفاسق والعاصي، وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، تبين للناس طرق الخير وطريق الشر، طريق الهدى وطرق الضلال، ولم يترك للعباد حجة عليه سبحانه وتعالى أن يقولوا: ﴿مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ﴾ [المائدة: 19]، بل إنه سبحانه أقام الحجة والدليل، ويسر كلا لما اختار لنفسه منهم، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧﴾ [الليل: 5- 7]، فالسبب والاختيار من قبل العبد، والتيسير من قبل الله، ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ﴾، هذا من قبل العبد، وقوله: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ﴾ هذا من قبل الله جل وعلا.
الصفحة 1 / 564