إن الله يهيئ الأسباب لمن
لديه رغبة في الخير ورغبة في الجنة ورغبة في طاعة الله، وييسر له ويوفقه لطريق
الجنة، وطريق السعادة، وعلى النقيض فإن من آثر لنفسه الانخذال واختار وأعطى نفسه
هواها، وتمنى على الله الأماني، وأعرض عن كتاب ربه، وعن سنة نبيه صلى الله عليه
وسلم، وعن سنة الأنبياء جميعًا، ففي ضلال وكفر، فالله جل وعلا ييسره للعسرى؛ لأن
الجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك أحدًا، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا
مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ
١٠﴾ [الليل: 8- 10]، وهو سبحانه وتعالى من أمر المؤمنين أن
يتميزوا عن الكفار والمنافقين، وينحازوا عنهم بعقيدتهم وبدينهم، وحتى في أوطانهم
ومساكنهم؛ فلذلك أمر الله بالهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد المسلمين، ونهى عن
السكنى في بلاد المشركين والكافرين، من أجل أن يسلم المسلم في دينه، وأخلاقه،
وعرضه، وجميع أموره، يسلم من شر الكفر والكفار والمنافقين، فيهاجر بقلبه وببدنه.
بعض الناس يهاجر
ببدنه ولكن لا يهاجر بقلبه بل يكون قلبه مع الكفار والعياذ بالله، فلابد أن يهاجر
بقلبه أولا، ثم يهاجر ببدنه حتى يبعد عن الكفار ليلا يفتن بهم، وينخرط معهم، فهذا
مما يدل على أن الله يريد منا أن نتميز عن الكفار فلا نتشبه بهم، قال صلى الله
عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ
فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1])، ولا نمدحهم ونثني
عليهم؛ لأن الله ذمهم وعابهم، فننحاز عنهم من كل الوجوه التي لها علاقة بالدين.
أما المعاملات الدنيوية والمصالح المتبادلة؛ فلا بأس بالتعامل معهم، في البيع والشراء، والتأجير، وفي غير ذلك،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وأحمد رقم (5667).