فهذه أمور دنيوية تقوم بها
مصالح العباد، فليس هذا من الموالاة، وإنما هو من تبادل المصالح، كما أنهم إذا لم
يقاتلوهم ولم يخرجوهم من ديارهم، ولم يظاهروا على إخراجهم ولم يتعاونوا مع الكفار
الآخرين عليهم، فلم يحصل منهم ضرر على المسلمين؛ فإننا نكافيهم بالإحسان إليهم،
وليس هذا من باب الموالاة ولا من باب المحبة، وإنما هو من باب المكافأة، قال
تعالى: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ
ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن
دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ
٨إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم
مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٩﴾ [الممتحنة: 8، 9].
1- تعريف البراء:
فالبراء معناه في
اللغة: القطع، يقال: برى الشيء إذا قطعه، وبرى القلم إذا قطعه، وأصلحه للكتابة به،
والمراد به شرعًا: قطع الصلة الدينية، والصلة القلبية، والصلة الفعلية معهم.
فالصلة القلبية
معناها: قطع المحبة مع الكفار، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ
تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ﴾ [الممتحنة: 1]،
والمودة في القلب، فأنت لا تود الكافر بقلبك، بل بغضه؛ لأن الله يبغضه، وعاديه لأن
الله يعاديه، ﴿لَا تَتَّخِذُواْ
عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ﴾.
وكذلك من الموالاة المحرمة الموالاة الفعلية، بمناصرتهم بالقول والفعل، فلا ينحاز المؤمن مع الكفار، ولا يدافع عنهم ولا يقاتل معهم ضد المسلمين، بل ينحاز عنهم كليًّا.