والاجتماع لا بد له من قيادة، فلا اجتماع إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع
وطاعة؛ فلذلك كان تنصيب الإمام فريضة في الإسلام؛ لما يترتب عليه من المصالح
العظيمة، فالناس لا يصلحون بدون إمام يقودهم وينظر في مصالحهم ويدفع المضار عنهم،
قال الشاعر:
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلا لَهُ عَمَدٌ |
وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ |
فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ |
وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا |
وَإِن تَجَمَّع أقَوامٌ ذَوو حسب |
اصطادَ أَمرَهُمُ بِالرُشدِ مُصطادُ |
لاَ يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ |
وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا |
ولهذا لما توفي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بادر الصحابة بتنصيب إمام لهم قبل أن يتجهوا إلى تجهيز
الرسول صلى الله عليه وسلم ودفنه؛ لعلمهم بضرورة هذا الأمر، وأنه لا يصلح أن يمضي
وقت ولو يسير إلا وقد تنصب الإمام للمسلمين، فاجتمعت كلمتهم رضي الله عنهم على
أفضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أبو بكر الصديق فبايعوه، فتمت له
البيعة، وعند ذلك اتجهوا إلى تجهيز الرسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة عليه
ودفنه، مما يدل على أهمية وجود الخليفة، وجود الإمام الذي تضبه ضرورة من ضروريات
هذا الدين، ومن ضروريات الحياة.
الطرق التي يتم بها
تنصيب الإمام:
الطريق الأول: بيعة أهل الحل
والعقد له، كما حصل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
الطريق الثاني: أن يعهد الإمام القائم إلى واحد من بعده بالإمامة، كما عهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلزمت إمامته، وانقاد الناس له، فكان ذلك خيرًا للإسلام والمسلمين.