×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أراد أن يبين لأصحابه خطر النميمة، ولكنه صلى الله عليه وسلم جاء بصيغة السؤال والاستفهام من أجل أن ينتبهوا؛ لأن الأمور المهمة ينبغي أن تُلقى على الطلاب بصيغة السؤال حتى ينتبهوا لجوابها. أما أن يُذْكَر الشيء لهم بدون سؤال، فقد لا ينتبه كثير منهم.

فهذا فيه التعليم على طريقة السؤال والجواب، خصوصًا في الأمور المهمة.

قال: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ؟ هِيَ النَّمِيمَةُ»، أي: هل أنبئكم ما هو السِّحر؟ هو النميمة.

والنميمة: هي الوشاية بين الناس، أي: نَقْل الحديث بين الناس على وجه الإفساد. فيَذهب إلى فلان ويقول: إن فلانًا يقول فيك كذا وكذا، ويضرك، ويتكلم فيك!! حتى يملأ صدره بالحقد على أخيه. ثم يَذهب إلى الآخَر ويقول له مثل ذلك؛ حتى يُفْسِد بين الاثنين، فيُفسِد بين الزوج وزوجه، ويُفسِد بين الأخ وأخيه، ويُفسِد بين الوالد وولده، ويُفسِد بين العلماء وبين عامة الناس، حتى يخلخل المجتمع ويوقع بينهم العداوة بنميمته، والعياذ بالله.

قال عز وجل: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ ١٠ هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ ١١ [القلم: 10-11]، يعني: يمشي بالنميمة.

فالنميمة كبيرة من كبائر الذنوب، وهي نوع من السحر، لماذا؟

لأنها تعمل عمل السحر، فكما أن السحر يُفَرِّق بين الناس ويُفَرِّق بين الأحبة ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ [البقرة: 102]، فكذلك النميمة أشد من السحر، تُحْدِث من الفُرقة والعداوة ما هو أشد من


الشرح