المُحَاضَرَةُ الرَّابعَةُ
حَقيقَةُ التَّصَوُّف وَمَوْقف الصُّوفيَّة
منْ أُصُول العبَادَة وَالدِّين
****
مُقَدِّمَةٌ فِي بَيَان ضَوَابط العبَادَة الصَّحيحَة
****
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ
للَّه رَبِّ العَالَمينَ، أَكْمَلَ لَنَا الدِّين، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا
النِّعْمَةَ، وَرَضِيَ لَنَا الإسْلاَمَ دِينًا، وَأَمَرنَا بالتَّمَسُّك به إلَى
المَمَات: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾
[آل عمران: 102].
وَتلْكَ
وَصيَّةُ إبْرَاهيمَ وَيَعْقُوبَ لِبَنِيهِ: ﴿وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ
يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾
[البقرة: 132].
اللَّهُمَّ
صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدكَ وَرَسُولِكَ نَبيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابه أَجْمَعينَ، وَبَعْد:
فَإنَّ
اللَّهَ خَلَقَ الجِنَّ وَالإنْسَ لعبَادَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ
ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾
[الذاريات: 56].
وَفي
ذَلكَ شَرَفُهُمْ وَعِزُّهمْ وَسَعَادَتهمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخرَة؛ لأَنَّهُمْ
بحَاجَةٍ إلَى رَبِّهمْ، لاَ غِنَى لَهُمْ عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَهُوَ غَنيٌّ
عَنْهُمْ، وَعَنْ عِبَادَتهمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ﴾ [الزمر: 7]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ
جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾
[إبراهيم: 8].
وَالعبَادَةُ حَقُّ اللَّهِ عَلَى خَلْقه، وَفَائدَتُهَا تَعُودُ إلَيْهمْ، فَمَنْ أَبَى أَنْ يَعْبُدَ
الصفحة 1 / 264