×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 المحاضرة الأولى

 بيانُ حقيقةِ التوحيدِ الذي جاءت به الرُّسل

وردُّ الشُّبهاتِ التي أُثيرت حول التَّوحيد

****

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمينَ، وصَلَّى الله وَسلَّم عَلَى نَبيِّنا مُحمَّدٍ خَاتم الرُّسُل، ومَنْ تَمسَّك بسُنَّته وَسَار عَلَى نَهْجه إِلَى يَوْم الدِّين.

أمَّا بَعْد:

فَإِنَّ العَقِيدَة هِيَ الأَسَاسُ الَّذي يَقُوم عَلَيْه بُنْيان الأُمَم، فَصَلاحُ كُلِّ أُمَّةٍ ورُقيُّها مَرْبوط بسَلاَمة عَقيدَتها وَسَلاَمة أفْكَارها، ومِنْ ثَمَّ جَاءَت رِسَالاَت الأنْبيَاء - عَلَيْهم الصَّلاَة والسَّلاَم - تُنَادي بإصْلاَح العَقِيدَةِ.

فكُلُّ رَسُولٍ يَقُولُ لقَوْمه أَوَّل مَا يَدْعُوهم: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ [الأعراف: 59]. ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36].

وَذَلِكَ لأَنَّ اللهَ سُبْحَانَه خَلَق الخَلْق لعبَادَته وَحْده لاَ شَريكَ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56].

وَالعِبَادَةُ حَقُّ الله عَلَى عِبَادِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لمُعَاذ بْن جَبَل رضي الله عنه: «يَا مُعَاذُ؛ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ». قَال: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإنَّ حَقّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا الله وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ عز وجل أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»([1]). وهَذَا الحقُّ هُوَ أَوَّل الحُقُوق عَلَى الإطْلاَق


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2856)، ومسلم رقم (30).