لا يَسْبقه شيءٌ، ولا يَتَقدَّمه حقُّ أَحدٍ.
قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَقَضَىٰ
رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ﴾ [الإسراء: 23] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلۡ
تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ
شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗاۖ﴾
[الأنعام: 151].
وَلأَِسْبَقيَّة
هَذَا الحَقِّ وأَوْلويَّته عَلَى سَائِرِ الحُقُوق، وكَوْنه الأَسَاس الَّذِي
يَنْبني عَلَيْه سَائِرُ أحْكَام الدِّين نَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
لَبِثَ فِي مَكَّة ثَلاَثَ عَشرةَ سَنةً يَدْعو النَّاسَ إِلَى القيَام به، ونَفْي
الإشْرَاك عنه، وَجَاء القُرْآنُ الكَريمُ فِي مُعْظم آياتِهِ بتَقْريره وَنَفْي
الشُّبَه عنه، وَكلُّ مُصلٍّ فرضًا أَوْ نفلاً يُعَاهد اللهَ عَلَى القِيَامِ بِهِ
فِي قَوْله: ﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾
[الفاتحة: 5].
وهَذَا
الحَقُّ العَظيمُ يُسمَّى تَوْحيدَ العِبَادة أَوْ تَوْحيد الإلَهيَّة، أَوْ
تَوْحيد الطَّلَب والقَصْد - أَسْمَاء لمُسمًّى وَاحِدٍ - وهَذَا التَّوحيدُ
مَرْكوزٌ فِي الفِطَرِ «مَا مِنْ
مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ». وإنَّما يَطْرأ الانْحرَاف
عَنْه بسَبَب التَّربية الفَاسدَة «فَأَبَوَاهُ
يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» ([1]).
وَهَذَا التَّوْحيدُ أَصيلٌ فِي العَالَم، والشِّرْكُ طَارئٌ عَلَيْه وَدَخيلٌ فيه، قَالَ تَعَالَى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ﴾ [البقرة: 213] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ﴾ [يونس: 19].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6599)، ومسلم رقم (2658).