×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 المحاضرة الثانية عشرة

 ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ [البقرة: 197]

****

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للَّهِ الَّذي جَعَلَ بَيْتَهُ الحَرَامَ مَثَابَةً للنَّاس وَأَمْنًا، يَتَّجهُونَ إلَى شَطْره أَيْنَمَا كَانُوا في صَلَوَاتهمْ، وَيَسْتَقْبلُونَهُ في عِبَادَاتهمْ، وَتَهْوى إلَيْه أَفْئدَتُهُمْ، وَيَلْتَفُّونَ حَوْلَهُ مِنْ جَمِيعِ أَقْطَار الأَرْض؛ لتَتَّحدَ كَلمَتُهُمْ، وَتَعْتَزَّ أُمَّتُهُم، وَتَقُومَ دَوْلَتُهُمْ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نَبيِّنَا مُحَمَّدٍ؛ بَعَثَهُ اللَّهُ مِنْ أَرْض الحَرَم إلَى الأُمَم كَافَّةً، وَأَمَرَهُ بتَطْهير هَذَا البَيْت مِنْ كُلِّ نَجَسٍ وَرِجْسٍ، فَدَخَلَهُ عَامَ الفَتْح وَفَوْقَهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بالقَضِيبِ وَيَقُولُ: ﴿جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا [الإسراء: 81] ([1]). ثُمَّ أَمَرَ بِهَا صلى الله عليه وسلم فَأُخْرجَت منَ المَسْجد، وَأُحْرِقَت، وَطُهِّر مِنْهَا بَيْتُ اللَّه.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤْمنُونَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللَّه وَبَرَكَاته، وَبَعْدُ: سَنَشْرَحُ فِي هَذَا المَوْضع - إنْ شَاءَ اللَّهُ - مَوْضُوعَ قَوْله تَعَالَى: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ [البقرة: 197].

فَالحَجُّ لُغَةً: القَصْدُ إلَى الشَّيْءِ.

وَشَرْعًا: قَصْدُ المَسْجد الحَرَام لأَدَاء الحَجِّ أَو العُمْرَة، وَكَانَ الحَجُّ من مِلَّةِ إبْرَاهيمَ الخَليل عليه السلام حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ ببِنَاءِ البَيْت، وَالأَذَان فِي النَّاس بالحَجِّ إلَيْه، فَالحَجُّ عِبَادَةٌ عَظيمَةٌ، وَفِيهِ مَنَافعُ كَثيرَةٌ:


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2478)، ومسلم رقم (1781).