×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

مِنْهَا: غُفْرَانُ الذُّنُوب، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ([1]).

وَمِنْهَا: شُهُودُ المَنَافع العَظيمَة الَّتي قَالَ اللَّهُ عَنْهَا: ﴿لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ [الحج: 28]، مَنَافعَ دينيَّةً، وَمَنَافعَ دُنْيَويَّةً، لاَ تَدْخُلُ تَحْتَ حَصْرٍ؛ وَلهَذَا أَجْمَلَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَلَم يُحَدِّدْهَا.

وَمِنْهَا: ذِكْرُ اللَّهِ فِي الأَيَّام المَعْلُومَات، وَالأَيَّامِ المَعْدُودَات بالتَّكْبير وَالتَّلْبيَة، وَالوُقُوف بعَرَفَةَ وَالمُزْدلفَة، وَذَبْح القَرَابين، وَرَمْي الجَمَرَات، وَالطَّوَاف وَالسَّعْي، وَالمَبِيت بمِنَى، وَالأَكْل وَالشُّرْب من ضِيَافَةِ اللَّه في أَيَّام التَّشْريق.

وَمِنْ مَنَافِعِ الحَجِّ العَظيمَة: تَعَارُفُ المُسْلمينَ حينَ يَلْتَقُونَ في تِلْكَ البِقَاعِ الطَّاهرَة، وَالمَشَاعر المُقَدَّسَة في المَسْجِدِ الحَرَام، وَفي صَعِيدِ عَرَفَات ومُزْدلفَة وَمِنَى، وَيَلْتَقُونَ في زَمَنٍ وَاحدٍ لأَدَاء عِبَادَةٍ وَاحدَةٍ لرَبٍّ وَاحِدٍ: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 92].

اسْتَمَرَّ الحَجُّ بَعْدَ إبْرَاهيمَ وَابْنِهِ إسْمَاعيلَ عَلَيْهمَا الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وَلَكن مَعَ تَطَاوُل الزَّمَن، دَخَلَهُ بَعْضُ التَّغْيير في عَهْد الجَاهليَّة، فَكَانُوا يُضَمِّنُونَ تَلْبيَتَهُم الشِّرْكَ باللَّه عز وجل حَيْثُ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لاَ شَريكَ لَكَ إلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلكُهُ وَمَا مَلَكَ، فَجَعَلُوا لَهُ شَريكًا مِنْ عَبيدِهِ، فَردَّ اللَّهُ عَلَيْهم بقَوْله: ﴿ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ [الروم: 28].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1820)، ومسلم رقم (1350).