×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

فالصلوات الخمس تصلي جماعة في اليوم والليلة خمس مرات خلف إمام واحد، والجمعة أكبر من اجتماع الصلوات الخمس، وفي العيدين أكبر، وأكبر من ذلك الاجتماع في عرفة يوم الحج، يجتمع المسلمون بأعداد الملايين من كل البلاد، ويقفون جميعا، لجمع الكلمة، وتعارف المسلمين وتآلفهم، وإظهار قوتهم. وفي الحديث: «وَيَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ» ([1])، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بما يكون من الفتن قال رضي الله عنه: فَمَا تَأْمُرَنَي -إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟- قال: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمُ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعةُ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» ([2]).

السؤال: لا يخفى على فضيلتكم خوض الناس في هذا الزمن في هذه الفتن، فما واجب المرء المسلم عندما يجلس مع الناس ويسمع هذا الخوض في الفتن، خاصة أننا لا نسلم منها في العمل أو مجالس الأسرة أو في الإعلام؟

الجواب: الواجب النصيحة لهؤلاء، وبيان أن هذا الخوض لا يجوز، وأنه يسبب شروًا وفتنًا، ويحذر من هذا الخوض وهذا الكلام، وأنه ليس من مصلحتهم هم أولاً، ولا من مصلحة المسلمين عموما، فكما ذكرنا إذا كان عنده علم فليبين للناس ولا يكتم العلم، لأن العلم يحثُّ على الاجتماع، وينهى عن التفرق والفوضى، وإذا كان جاهلاً فلا يجلس مع هؤلاء، بل يعتزلهم،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2167).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).