ثم الصبر على جورهم وظلمهم
ومناصحتهم؛ وإن كان فيه ضرر، ولكنه أخف من ضرر الخروج عليهم وإفلات الأمر، قال صلى
الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»،
قُلْنَا: لِمَنْ؟ قال: «لله وَلِكِتَابِهِ
وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([1])، ومناصحتهم تكون
فيما بين الناصح والمنصوح، تكون سرًّا بين الناصح وبين ولي الأمر، إما مشافهةً،
وإما كتابة له، ولا يُدرى عنها، تسلم له، وإما أن يوصى من يتصل به أن يبلغه
النصيحة، أما أن يُتكلم في حقهم ويسبون بين الناس وفي المجالس وعلى المنابر؛ فهذه
مفاسد عظيمة، وليس هذا من دين الإسلام، وهي فوضى كلامية تجر إلى فوضى فعلية، ولا
حول ولا قوة إلا بالله.
السؤال: نأمل من معاليكم
ذكر بعض الأدلة التي تأمرنا بالتمسك بالجماعة وعدم الخروج على ولي الأمر؟
الجواب: أوضح الأدلة قوله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103]، إلى أن قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105]، أمرنا الله بالاجتماع في كتابه: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ﴾ [آل عمران: 103] أي: القرآن، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ هذا نهي من الله جل وعلا عن التفرق؛ لأن التفرق يسبب الشرور والعداوات ويحدث سفك الدماء، واختلال الأمن، وقد ربانا الله جل وعلا على الاجتماع.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (55).