×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 فلو قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين: لنجتمع ونبطل الحكم بعوائد الجاهلية، ونحكم بين الناس بالشرع، ولكن اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تبقي، كل على دينه، كما يقول بعضهم «لنجتمع على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه»، وإذا اختلفنا في العقيدة فعلى ما نتفق؟! فما كان ليقوم الدين الإسلامي الحنيف على هذا، ولا كانت الملة لتستقيم به.

فلابد من تصحيح العقيدة أولاً، وتحقيق لا إله إلا الله، ولا بد من إزالة الشرك ومظاهره من البلد، ثم تأتي بعد ذلك أوامر الدين وشرائعه؛ لأننا إذا حققنا الأساس أقمنا عليه البناء الصحيح، وإلا فمثل للذي أقام الدين على غير عقيدة لا إله إلا الله كمن أقام بناية تتكون من مائة وعشرين طابقا أقمتها على أساس هار، فإن مآلها الانهيار بمن فيها، قال تعالى: ﴿أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٍ خَيۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٖ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِي نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ [التوبة: 109].

فالواجب علينا أن نعرف هذا الأمر، وأن نهتم به، وأن تدرسه أولا نحن ثم درسه لأبنائنا وإخواننا، وأن نحرص عليه، وأن نكف مناهجه في المدارس والمعاهد والكليات، وأن نكثف دراسته في المساجد، وأن تعمر به بيوتنا ودروسنا. هذا هو الأساس الصحيح، وما عداه فهو تابع له ومكمل له.


الشرح