×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 وهذا من الجهل العظيم؛ لأن المسلم أحوج من غيره لمعرفة التوحيد، من أجل أن يحققه، ومن أجل أن يقوم به، ومن أجل أن يبتعد عما يخل به أو يناقضه من الشركيات والبدع والخرافات ومن أجل أن يدعو إليه، فلا يكفي أن يكون مسلما دون أن يحقق الإسلام، ولن يحققه إلا إذا عرف أساسه وقاعدته التي يبنى عليها وهو التوحيد.

فإن الناس إذا جهلوا مسائل التوحيد وجهلوا مسائل الشرك وأمور الجاهلية يقعون في الشرك من حيث يدرون أو لا يدرون، وحينئذٍ تُقوض عقيدة التوحيد، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: «إنما تُنقض عُرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية».

وهل كل المسلمين يعرفون أمور العقيدة ويعرفون التوحيد؟ إذا كان العلماء منهم يعلمون ذلك فهم قلة وأقل من القليل، والعلماء بالمعنى الصحيح: أقل من القليل، وكلما تأخر الزمان فإن العلماء على الحقيقة يقلون، ويكثر المتعالمون، ويكثر القراء، ويكثر الرؤوس الجهال، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ([1]).

وفي حديث آخر: «أنه في آخر الزمان يكثر القراء، ويقل الفقهاء» ([2])، وفي أثر آخر: «في آخر الزمان يقل العلماء ويكثر الخطباء» ([3]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (100)، ومسلم رقم (2673).

([2])  أخرجه: الطبراني في الأوسط رقم (3277).

([3])  أخرجه: أحمد رقم (21372).