ومن هنا يجب علينا أن نهتم بجانب التوحيد، وأن نعتني به عناية تامة، بأن
نَدْرِّسَه، ونُدَرِّسه، ونحاضر فيه، ونعقد فيه الندوات والمؤتمرات، ونشكل فيه
البرامج في وسائل الإعلام، ونكتب عنه في الصحف، وندعو إلى التوحيد، رضي من رضي
وغضب من غضب؛ لأن التوحيد أساس ديننا، ومبنى عقيدتنا، ونحن أحوج الناس إلى أن
نتعرف عليه، وأن نتدارسه، وأن نبينه للناس.
في العالم الإسلامي
-ما عدا هذه البلاد التي حماها الله بدعوة التوحيد- تنتشر المشاهد الشر كية
المشيدة على القبور كما نسمع عنها أو كما رآها بعضنا ممن سافر، فالدين عندهم هو
الشرك، وعبادة الموتى، والتقرب إلى القبور، ومن لم يفعل ذلك عندهم فليس مسلمًا؛
لأنه بزعمهم يتنقّص الأولياء والدعاة في تلك البلاد لا يهتمون بأمر التوحيد، إنما
يدعون الناس إلى الأخلاق الطيبة، وإلى ترك الزنا وشرب الخمور، فهذه كبائر محرمات
بلا شك، ولكن حتى لو ترك الناس الزنا وشرب الخمور والربا، وحسنوا أخلاقهم، ولم
يتركوا عبادة القبور، فإن أساسهم غير صحيح، ودينهم غير صحيح ومقوض ما داموا لم
يتركوا الشرك.
وحتى من لم يشرك ما
دام أنه لا ينكر الشرك، ولا يدعو إلى التوحيد، ولا يتبرأ من المشركين، فإنه يكون
مثلهم؛ ولهذا يقول الله جل وعلا لنبيه:
﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ﴾ وفيه توجيه من الله جل وعلا ويبعد عن الشرك والكفر والنفاق ﴿وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، وفي هذا البراءة من المشركين.