×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 فالمسلم الموحد لا بد أن يتبرأ من المشركين، ولا يسعه أن يسكت والشرك يعج في البلد، والأضرحة تبنى، والطواف بالقبور قائم، ولا يسع من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسكت على هذا الوباء الخطير الذي يفتك في جسم الأمة، ويظل يدعوا الناس إلى حسن السيرة والسلوك، وترك الخمور، والزنا. فماذا يجدي ترك هذه الأمور مع فقد الأساس؟!

أنت حين تبني بناء، وعندما تريد إطالة الجدار أو إعلاء البيت؛ فلا بد أن تهتم بالأساس والقواعد من أجل أن تقيم البناء الصحيح؟ أما إذا لم تهتم بالأساس وبقواعد البناء فإنك مهما شيدته وجمَّلته ونمقته فإنه عرضة للسقوط، بل بكون خطرًا عليك وعلى من دخل هذا المبنى، ﴿أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٍ خَيۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٖ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِي نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ [التوبة: 109] كذلك الدين إذا لم يقم على عقيدة سليمة، وأساس صحيح، وتوحيد الله، وتنزيهه عن الشرك، والبراءة من المشركين، فإن هذا الدين لا ينفع أهله؛ لأنه دين لم يبن على أساس، ولم يبن على قاعدة.

عقيدة التوحيد أساس الشريعة الإسلامية:

النبي صلى الله عليه وسلم مكث بمكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى التوحيد، ويقول لهم: «قُولُوا: لاُ إِلَهَ إِلاَّ الله، تُفْلِحُوا» ([1])، والسور المكية التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة -كما ذكرت سالفًا- كلها تعالج قضية التوحيد وتأسيس العقيدة، ثم لما تأسس التوحيد وقامت العقيدة؛


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (16603)، وابن خزيمة رقم (159)، وابن حبان رقم (6562).