×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 فالتوحيد هو الأساس والأصل والقاعدة، فكيف نزهد في هذا الأمر ونغفل عنه ونخطى من يدعو إليه؟ بل كيف يقال: إن ذلك يفرق بين المسلمين؟! بل على العكس من ذلك فالتوحيد يجمع كلمة المسلمين؛ لأن كلمة المسلمين لا تجتمع إلا على التوحيد، ولا يستتب الأمن والاستقرار إلا على التوحيد.

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ [النور: 55]، بهذا الشرط، هذا هو الأساس وإنما تحصل هذه المطالب العظيمة بعبادة الله وحده لا شريك له فالتوحيد إذن هو الشرط والأساس وهو في قوله: ﴿يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ [النور: 55].

فلا تجتمع كلمة الأمة، ولا يصح بناؤها إلا على عقيدة التوحيد الصحيحة، أما إذا دخل فيها الشرك، وتفشت فيها البدع والخرافات، وقيل: اتركوا الناس، الناس أحرار في عقائدهم، لا تنفر وهم، فهنا يحصل الاختلاف، ويحصل التفرق، ويدخل الشيطان بين صفوف المسلمين فيفرق جماعتهم كما هو الواقع.

أضرب لذلك مثلاً فأقول: كانت هذه البلاد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى التوحيد متفرقة، وفي بلدان نجد؛ كل قرية لها أمير وحكومة، وكل قرية تحارب القرية الأخرى، بل ذكر التاريخ أن أهل القرية الواحدة يتقاتلون فيما بينهم، ويكون سلب ونهب وقتل، فلما جاء الله سبحانه وتعالى بهذه الدعوة المباركة على يد هذا الرجل الصالح المصلح توحدت البلاد، وصارت تحت قيادة واحدة، وصارت لها دولة قامت على الدين وعلى التوحيد، ولا تزال ولله الحمد.


الشرح