×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

فليس من صالحهم بسط العم عليهم، ودوام الصحة والعافية في أبدًانهم؛ ولذلك خص الله جل وعلا من المؤمن أن يعيش بين حالتين، ف ي كل واحدة منهما له خير، فلا يدوم عليه السرور حتى لايطغى، ولا يدوم عليه الضرر حتى لا ييأس، وإنَّما هو دائمًا بين الحالين، وذلك من فضل الله، وعظيم إحسانه؛ فالله يرت المؤمن على الإيمان، وهو أعلم بمصالحه منه، فيمنحه الصحة والقوة في بدنه فيشكره على ذلك، ويستعمل تلك الصحة والقوة في طاعة الله عز وجل، ويبتليه بالمرض من أجل أن يعرف قدر نعمته عليه، وأن لا يطغى أو يظن أن هذه النعمة ستستمر، ومن أجل أن يكون بين الخوف والرجاء، حتى يحصل على فائدتين؛ الأولى منهما: أن يعرف قدر نعمة الله عليه، ويصبر على ما أصابه، ويرجو منه جل وعلا الفرج، ولا ييأس من روح الله، فيؤجر على ذلك، وأيا يكفر الله عنه سيئاته، فإنه قد تحصل منه سيئات، ولا يسلم أحد من النقص، والله يجبر ذلك النقص، ويغفر تلك السيئات بما يصيب المؤمن، فهي مكفرات ومطهرات، فالمؤمن في نعمة، سواء كان في رخاء أو في شدة، يعرف الله عز وجل، ويلجأ إليه، وإذا أنعم الله عليه شكره واستعان بنعمته على طاعته، فهو على خير دائما.

ولا شك أن الإنسان يريد الصحة ولا يريد المرض، لكن الله لا يريد له الصحة دائما، بل يريد أن يربيه، ويطهره ويمحصه ويخلصه من هذه الدنيا، حتى يخرج بعض المؤمنين منها وليس عليه ذنب؛ لأن الله طهره بهذه المصائب وهذه الأمراض، حتى ورد أين الإمام رحمه الله، كان في سكرات الموت، فضحك في هذه الحالة، فسألوه عن ذلك لما أفاق، قال: رحمه الله: «سمع قائلا يقول: شددوا عليه فقد بقيت عليه سيئة، شددوا عليه فقد بقيت عليه سيئة»، ففرح بذلك وضحك سرورًا بنعمة الله سبحانه وتعالى.

**********


الشرح