×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

فالعِشرة الزوجية قائمة على هاتين الصفتين: المودة والرحمة، فكل من الزوجين يود الآخر ويرحمه، ولولا ذلك ما اجتمعا؛ لأن الرجل من جهة، والمرأة من جهة أخرى، لكن من آيات الله أن الله يجمع بين الغريبين: الرجل والمرأة، ويجعل بينهما المودة والرحمة؛ لأجل بقاء الزوجية التي هي أساس المجتمع، قال الشاعر:

وقد يجمع الله الشتيتين ما
 

يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
  

ومن هنا عندما يريد الرجل أن يتزوج من امرأة، أو تريد المرأة أن تتزوج من رجل؛ فلابد قبل الزواج من تعرف كل واحد منهما على الآخر، وعن دينه وخلقه وأوصافه، ولا يغامر، والنبي صلى الله عليه وسلم حث على الزواج، وأمر الزوج أن ينظر إلى مخطوبته ويتعرف عليها، والله جل وعلا قبل ذلك أمر به، فقال تعالي: ﴿وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَآئِكُمۡۚ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ [النور: 32]. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالْصَّوْمِ فَإِنَّهًُ لَهُ وِجَاءٌ» ([1])، والله جل وعلا قال: ﴿وَلۡيَسۡتَعۡفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغۡنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ [النور: 33].

فالزواج أمر مطلوب في الإسلام، وهو ضرورة بشرية لبقاء النسل، وبقاء الذرية، وتكون هذه الذرية من منبع طيب من أبوين كريمين صالحين؛ ولهذا نهى الله عن السفاح وعن الزنى، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا [الإسراء: 32] لأنه علاقة محرمة ينتج عنها استيلاد غير مشروع؛ ولذلك يسمى بالسِّفاح؛ لأنه لا خير فيه، ويَحرم المولود من والد ينتسب إليه -والعياذ بالله- فيكون ذلك إساءة في حقه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1400).