فعلى أهل المخطوبة أن يختاروا الزوج الصالح لبنتهم، قال صلى الله عليه وسلم:
«إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ
وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ
وَفَسَادٌ» ([1])، فبدأ بالدين «مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ» يعني يكون
مستقيمًا محافظًا على دينه وعلى أداء الفرائض وترك المحرمات، وكذا من ترضون خلقه
-أيضًا- بأن لا يكون أحمق أو سيئ الخلق؛ لأن ذلك سبب في تكدر وانهيار الزوجية، وقد
يفضي إلى الفراق، وفي رواية: «تَرْضَوْنَ
دِينَهُ وَأَمَانَتهُ» ([2])، لأنهم سيأتمنونه
على موليتهم.
فيجب على ولي المرأة وعلى المرأة نفسها اختيار الزوج الصالح في دينه وخلقه وأمانته؛ لأن هذا يترتب عليه أمور في المستقبل، فليس الزواج لقضاء الشهوة فقط، وإنما هو تأسيس للأسرة، هذا في جانب الزوج، وقال صلى الله عليه وسلم في الزوجة: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَِرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» ([3])، أي: فليكن اختيارك الأول من هذه الأربع ذات الدين، وإن لم تكن جميلة، وإن لم تكن ذات حسب، وإن لم يكن لها مال، فدينها يعوض ما فقدته من المال والحسب والجمال، كم من جميلة غرها جمالها فلم تنسجم مع زوجها! وكم من غنية تكبرت وأطغاها مالها عليه، وفي واقع الموظفات خير دليل على ذلك؟ فلا يُنظر إلى هذه الأمور التي لا تكون أساسًا للأسرة، لا المال، ولا الجمال؛ ولا الحسب وهو المنصب، فإذا لم يكن لها منصب ولكنها متدينة، فالدين كله خير ويكفي،
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1085).