والخلاف من طبيعة البشر، فلابد أن يكون خلاف ونزاع، ولكن أولاً: يحسم
بالرجوع إلى كتاب الله، وسنة رسوله، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ
مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ
إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ
وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59] وقال جل وعلا: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ
فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ
تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ﴾ [الشورى: 10]، فمما يجمع الكلمة، أننا إذا حصل اختلاف
في الرأي، فإنه يرجع في حس هذا الخلاف إلى كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه
وسلم، وبذلك ينتهي؛ لأن الله جل وعلا أنزل هذا الكتاب ليحكم بين الناس فيما
اختلفوا فيه، ولا يرجع إلى القوانين الوضعية والأنظمة البشرية، فإنها فرق ولا
تجمع، وتفسد ولا صلح، وإما نرجع إلى كتاب ربنا، وسنة نبينا محمد، ويكون ذلك على
أيدي علمائنا الذين يعرفون ويستنبطون من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم
ما يحل المشكل والاختلاف، قال تعالى: ﴿وَإِذَا
جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ
رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ
يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ
لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [النساء: 83].
والله جل وعلا لم
يتركنا لآرائنا، وآراء غيرنا، وإما أنزل علينا كتابا، وأرسل إلينا رسولا ليكونا
كما بيننا فيما اختلفنا فيه.
ثانيًا: ومما يجمع الكلمة صحة العقيدة وسلامتها، وذلك بأن تكون العقيدة عقيدة التوحيد، وإفراد الله جل وعلا بالعبادة، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]. ليس لنا إلا ربٌ واحد وإله واحد، فإذا أفردناه سبحانه بالعبودية فإنه -حينئذٍ- يحصل الاتفاق والوئام بين المسلمين، أما إذا اختلفت العقيدة،