ولهذا قال سبحانه: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ
ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ ٢أَلَا لِلَّهِ
ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ
إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ
فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ
كَفَّارٞ ٣﴾ [الزُّمَر: 2، 3]، خالص من الشرك، فلا يكون فيها شرك
أكبر ولا أصغر؛ بل يكون العمل خالصًا الوجه الله عز وجل، وقال: ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا
لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ﴾ [البيِّنة: 5]،
فليس للإنسان الخيار أن يعبد الله ويعبد غير الله، ويزعم أن ذلك من حرية العقيدة
!!.
العبادة محدودة بما
جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحدودة -أيضًا- بما كان خالصًا لله عز وجل،
وصوابًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس فيها شرك، فمن عبد الله، وعبد
معه غيره بطلت عبادته، وصار من أهل النار، ولا تنفعه عبادته لله إذا كان معها
عبادة لغير الله عز وجل، فكثير ممن يصلون ويصومون ويتصدقون ويذكرون الله، يعبدون
الله عبادات كثيرة، ولكنهم لا يتركون عبادة غير الله، فيدعون المخلوقين ممن
يسمونهم الأولياء، ويزعمون أنهم يقربون إلى الله، ويتوسطون لهم عند الله، فيدعون
مع الله غيره بحجة أنهم شفعاء عند الله، وأنهم وسائل ووسائط عند الله، في حين أن
الله جل وعلا لا يقبل هذا، ولا يرضاه، وفاعله مشرك ب الله عز وجل، حتى تكون
العبادة خالصة لله، وهذا معنى «لا إله إلا
الله»، فهذه الكلمة المختصرة الخفيفة على اللسان الثقيلة في الميزان، الشاملة
في المعنى تجمع الدين كله.
فمعنى «لا إله»: نفي لجميع المعبودات من دون الله عز وجل من الأصنام، ومن الأولياء والصالحين والملائكة والأنبياء والجن والإنس وغير ذلك، لا إله مع الله سبحانه وتعالى، ﴿أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [النمل: 63].