ثمَّ تحدَّاهم أن يأتوا
بعشر سور: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ
قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ﴾ [هود: 13]، ثم
تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة: ﴿وَإِن
كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن
مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٣فَإِن
لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ
وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ ٢٤﴾، أي: فإن لم تقدروا
على الإتيان بسورة من مثله: ﴿وَلَن
تَفۡعَلُواْ﴾ [البقرة: 23، 24] هذا إخبار عن المستقبل إلى يوم
القيامة، أنه يستطيع أحد أن يأتي بسورة مثل هذا القرآن؛ حتى بأقصر سورة مثل: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، أو ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ﴾ [الكوثر: 1].
فلم يستطيعوا هذا
كله؛ رغم عداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم حرصهم على تكذيبه، ورغم ما
عندهم من البلاغة والفصاحة، لم يستطيعوا في الماضي ولن يستطيعوا في المستقبل أن
يأتوا بسورة مثل إحدى سور القرآن، فدل هذا على أنه من عند الله عز وجل، وأنه كلام
الله، لا كلام غيره، لو كان كلام محمد كما
يقولون: ﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ﴾ [المدَّثر: 25]، ﴿لَوۡ نَشَآءُ لَقُلۡنَا
مِثۡلَ هَٰذَآ﴾ [الأنفال: 31]، لا استطاعوا أن ينفذوا ما قالوا.
وإذا كان كذلك؛ فهو دليل على صدق هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو حجة الله البالغة على الخلائق إلى أن تقوم الساعة، وهو المعجزة الباقية، وإلا فهناك معجزات كثيرة للرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن المعجزة الباقية هي هذا القرآن الذي بين أيدينا، وهو أعظم معجزة من معجزات هذا الرسول صلى الله عليه وسلم الدالة على صدقي، وصدق رسالته ونبوتهِ عليه الصلاة والسلام، وأن ما جاء به هو الحق، وأنه من عند الله، وأنه يجب على كل من بلغه هذا القرآن أن