فهذه هي أركان الإيمان
الستة التي إذا نقص واحد منها لم يصح الإيمان، وله شعب كما قال: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أو بِضْعٌ
وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَدْنَاهَا
إِمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» ([1]).
فدل هذا الحديث على: أن كل خصال الخير
وأعمال البر داخلة في الإيمان وتسمى «شعب
الإيمان»، أعلاها قول: «لا إله إلا
الله»، وهذا نطق باللسان، وأدناها -أي: أقلها- إماطة الأذى عن الطريق، وهو
عمل. «والحياء شعبة من الإيمان» وهو
عمل القلب.
فالإيمان قول وعمل واعتقاد، وقد دل الحديث على أن العمل داخل في حقيقة الإيمان، وقوله: «وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ»، الحياء عمل قلبي، وهو لق يحمل الإنسان على ما يجمله ويزينه، ويكفه عما يدنسه وىشينه، فدل هذا الحديث على أن الإيمان له أعلى، وله أدنى، وعلى إنه قول واعتقاد وعمل، ودل على أنه يتفاوت، فهناك من يكون إيمانه كاملا، ومن الناس من يكون إيمانه ناقا، ومنهم من يكون إيمانه متوسطا، بحسب ما يوفق الله العبد له، ولكن كل أهل الإيمان من أهل الجنة، ولو كان إيمانهم ضعيفا، وقد جاء في أحاديث صحيحة أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وأن الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: «انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخَرِجْهُ مِنَ النَّاِر» ([2])؛ لأن المؤمن وإن دخل النار بذنوبه فإنه لا يخلد فيها، ومآله إلى الجنة، وأما الكافر والمنافق فإنه مخلد في النار والعياذ بالله، لا طمع له في الجنة.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (35).