فالإيمان منحة عظيمة يمنُّ بها الله جل وعلا على من يشاء من عباده، وهو كما
عرفه أهل السنة والجماعة: قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد
بالطاعة وينقص بالمعصية، فليس الإيمان قولا باللسان فقط، كإيمان المنافقين الذين
هم في الدرك الأسفل من النار، قال الله جل وعلا: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ
مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ
٨يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ
وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩﴾ [البقرة: 8- 9]، وليس الإيمان هو الاعتقاد بالقلب فقط،
فالكفار والمنافقون يؤمنون بقلوبهم، لكن لا ينطقون بألسنتهم، ولا يعملون بجوارحهم،
إما من باب الجحود، كما قال جل وعلا: ﴿وَجَحَدُواْ
بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ
عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [النمل: 14]، يعني فرعون وقومه، فهم يؤمنون في قرارة
أنفسهم بما جاء به موسى، وموسى ال قال لفرعون: ﴿لَقَدۡ
عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورٗا﴾ [الإسراء: 102]،
والله جل وعلا قال في المشر كين: ﴿قَدۡ
نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33]، فهم
يعلمون بقلوبهم أنه رسول الله صدقا، ولكن منعهم الكبر والجحود أن يتبعوه، ولم
ينفعهم إيمانهم بقلوبهم.
وليس الإيمان هو القول باللسان واعتقاد القلب فقط، كما تقوله فرقة من المرجئة، بل لا بد من العمل، فالإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وهو يزيد بالطاعة؛ كما قال الله: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ٢ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ ٤﴾ [الأنفال: 2- 4]،