×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 فعندنا ما نعتصم به من الاختلاف، والتفرق، والتشتت، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِى إِلاَّ هَالِكٌ» ([1])، والله تعالى لم يتوف الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أكمل الله به الدين، قال تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ [المائدة: 3].

فالدين -ولله الحمد- متكامل وهو موجود بكماله، وسيبقى بكماله إلى أن تقوم الساعة، قال تعالى: ﴿لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ [الأنفال: 42]، فالذي يريد النجاة هذا دين محمد صلى الله عليه وسلم، هذا كتاب الله، هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أين يذهب أصحاب الأفكار، وأصحاب المذاهب؟ إن كانوا يريدون النجاة، فطريقها واضح، وإن كانوا يريدون الغواية والضلال وإضلال الناس، فالله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد، والله سبحانه وتعالى في كتابه يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ [النساء: 59]، هذا ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ -وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا-؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي»، والله يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ [النساء: 59]، فالحديث مطابق للآية تماما، فالله أمر بالسمع والطاعة لولاة أمر المسلمين؛ لأن هذا ما تجتمع به الكلمة، وتقول به الشوكة، وتجتمع به الجماعة، ويقوم به الجهاد في سبيل الله، وترد الحقوق للمظلومين، وتقام الحدود، ويستتب الأمن، وتحفظ البلاد والثغور،


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142).