هذا من رحمته سبحانه
وتعالى وهذا لمصلحة البشرية، قال الله سبحانه وتعالى لما أهبط آدم وزوجه إلى
الأرض: ﴿فَإِمَّا
يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا
هُمۡ يَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة: 38]، وفي الآية الأخرى: ﴿قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ
بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ
هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ ١٢٣وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ
مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤قَالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا
فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَنۡ أَسۡرَفَ
وَلَمۡ يُؤۡمِنۢ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِۦۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰٓ
١٢٧أَفَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ
فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ ١٢٨﴾ [طه: 123- 128]،
أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل، وأنزل الكتب لهداية البشرية إلى الصراط المستقيم،
وأمرهم باتباع الرسل، باتباع الكتب المنزلة من عنده سبحانه وتعالى، وألا يعتمدوا
على عقولهم ولا على أفكارهم وتصوراتهم.
نعم، هم يفكرون بها،
فالله أعطاهم هذه العقول وهذه الأفكار ليتدبروا بها ما أنزله الله إليهم، فالعقل
أداة عين على فهم ما أنزل الله سبحانه وتعالى، وما ذكر من الآيات الدالة على قدرته
وربوبيته واستحقاقه للعبادة دون غيره، فالعقول لا تستقل الإدراك المنافع وإدراك
المضار، وتميز الخبيث من الطيب، ولكن يستعان بها على فهم ما أنزل الله سبحانه
وتعالى على رسله، ويستعان بها كذلك على الابتكارات والاختراعات التي يستفيد منها
الناس في حياتهم.
فإذا كان بمقدور الإنسان أن يخترع آلةً أو يصنع صناعة يستفيد منها الناس في حياتهم فإنه ليس بمقدروه أبدًا أن يدرك الأمور والمستقبل، أو أن يعرف الضار من النافع معرفة تامة وإن كان يعرف ذلك معرفة مجملة،