ولكن التفاصيل لا يدركه
مهما أوتي من العقل والتفكير ولا يدرك المغيبات والمستقبل فهذا شأن لا يعلمه إلا
الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يعلم كل شيء، يعلم ما كان وما يكون؛ ولذلك أرسل
الرسل لهداية الخلق إلى الطريق الصحيح، والمنهج السليم، والتفكير النافع، والتعقل
المفيد، وبدون الرجوع إلى ما كان عليه الرسل وأتباعهم وبدون الرجوع إلى الكتب
المنزلة؛ فإن البشرية تضل وتهيم فلا تصل إلى غاية، ولا إلى نتيجة؛ لأن عقولهم
محدودة كما أن قدراتهم وقواهم محدودة، فهي لا تعدو أن تفكر في محيطها الحاضر،
ولكنها لا تدرك المستقبل ولا تدرك عواقب الأمور ونتائجها، وهي أمور لا تدركها
العقول ولا الأفكار إنما هذا يدرك بالوحي المنزل من الله سبحانه وتعالى.
فالأفكار والمناهج
الفكرية من صنع البشر، وهي قاصرة قصور البشر ولا تكفي، ولا يعتمد عليها، فلذلك لم
يكلنا الله سبحانه وتعالى إليها، من اعتمد عليها، وأعرض عن الوحي؛ ضل وغوى وهلك.
نحن نعلم إذا قرأنا التاريخ واستقرأنا ماضي الأمم نعرف ما كانت عليه البشرية في الفترات الممتدة بين رسالات الرسل فإذا اندرست آثار الرسالات؛ فإن البشرية تهيم وتضل وتضيع إلى أن يتداركها الله سبحانه وتعالى برسالة جديدة تردها إلى صوابها، وتذكرها بالطريق الصحيح الذي درس من طول العهد، ولهذا تتابعت الرسل منذ هبط آدم إلى الأرض إلى أن ختمهم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا تَتۡرَاۖ﴾ [المؤمنون: 44]، يعني: متتابعة، كلما مات نبي خلفه نبي؛ لأن البشرية لا تصلح بدونهم إلى أن ختمهم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم وبرسالته.