فلا يحل لمسلم أن يبغض أخاه ويهجره، ويبتعد عنه لأي سبب من الأسباب
الدنيوية، وإن كان ولابد؛ فيبتعدان لأجل أن يذهب ما في نفوسهما ثلاثة أيام ثم
يتراجعان عن الهجر، ويسلم على أخيه، والمهجور كذلك لا يعرض؛ بل يسلم، وخيرهما الذي
يبدأ بالسلام؛ لأن السلام يحل المشكلة، قال صلى الله عليه وسلم: «أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا
فَعَلْتُمُوهُ تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» ([1]).
هكذا المؤمنين يرتبطون برباط الإيمان ورباط المحبة من غير أنساب تجمعهم، أو قرابة تربطهم، وإنما الإيمان هو الذي يجمعهم على المحبة، فإذا حصل شيء من سوء التفاهم الذي يسبب القطيعة، أو يسبب التباعد بين القلوب فهنا يأتي الإصلاح، إصلاح ذات البين، والإصلاح ضد الإفساد، قال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ﴾ [البقرة: 220]، فالإصلاح ضد الإفساد، والمصلح هو الذي يسعى للجمع بين المتنافرين والمتباغضين والمتباعدين من المسلمين ليلا تبقى فجوة بين المسلمين، هذا هو المصلح الذي يرأب الصدع ويؤلف بين الناس، ويزيل الأحقاد، وله أجر عظيم، قال الله جل وعلا: ﴿لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۢ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 114]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [الأنفال: 1]، لا تتركوا إخوانكم متباغضين ومتباعدين بل أصلحوا هذا الخلل، ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ﴾، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ﴾ [النساء: 128]، فالصلح خير كله.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (54).