فأولادكم كذلك إذا نمتم عنهم وغفلتم عنهم فالخطر شديد، والآن كثير من
الوالدين مشغول في دنياه، وفي تجارته، ولا يأتي إلى بيته إلا متأخرا في آخر الليل،
ثم ينام ولا يدري عن أولاده، أين ذهبوا، ومتى أتوا، وكذلك الأم، قديما كانت الأم
في البيت تربي أولادها ولكن الأم الآن مشغولة بالعمل وبالوظيفة، تخرج قبل الأب،
ولا تعود إلى البيت إلا بعده، فمتى تربي أولادها؟ فهي تضعهم في الحضانة أو في دور
الرعاية، والقائمون على هذه الدور أجراء لا يهمهم تربية الأولاد بقدر ما تهمهم
أجرتهم، وليس لديهم شفقة على الأولاد مثل شفقة الوالدين، هذا إذا كانوا نزيهين في
عقيدتهم وأخلاقهم، والغالب منهم ليسوا كذلك.
وهذه الأيام أين
يذهب الأولاد؟ فالوالد مشغول والأم مشغولة، والتي تربي الأولاد خادمة نصرانية أو
كافرة أو مبتدعة أو صوفية أو قبورية، وحتى ولو كانت صالحة فإنها لا تهمها مصلحتهم،
وقد يكون الأب مشغولا بشهواته وملذاته، والأم تأتي من العمل متعبة ومنهكة لا تلفت
إلى الأولاد اليوم؟ من يربيهم؟ هناك من يربيهم التربية البدنية مثل البهائم يعلفهم
ويقودهم إلى مضاجعهم، ولكن الذي يربيهم التربية القلبية لا يوجد إلا من رحم الله
عز وجل.
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يعينهم على البر والتقوى، وأن يعين الوالدين على إصلاح الأولاد وترتبيتهم يصلح الأولاد، ويعطف بعضهم على بعض فترى المجتمع مسلما حقيقيا بالوالدين وبالأولاد، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ﴾ [الطور: 21].