فإذا تولى الأمر واحد
منهم؛ وجب على الجميع السمع والطاعة، لكن يكون ذلك بالمعروف، فإن أمر بمعصية؛ فإنه
لا يطاع في تلك المعصية ولكن يطاع فيما عداها مما ليس فيه معصية، قال صلى الله
عليه وسلم: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي
الْمَعْرُوفِ» ([1])، وقال عليه الصلاة
والسلام: «لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي
مَعْصِيَةِ الله» ([2])، فالسمع والطاعة
تلزم لولي الأمر بالمعروف، إذ لا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة،
وهذا بنص القرآن، وحتى لو حصل من الإمام ظلم وجور أو معصية في نفسه أو فسق في نفسه
لم يخرجه من الإسلام؛ فإنه تلزم طاعته لما في ذلك من جمع الكلمة؛ وذلك من ارتكاب
أخف الضررين لدفع أعلاهما.
ولهذا أمر النبي صلى
الله عليه وسلم بطاعة ولي الأمر ولو ظلم ولو جار ولو حصل منه مخالفة لم تصل إلى حد
الكفر، لما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة، ولما يترتب على الخروج عليه من
الضرر العظيم، الذي هو أعظم من الصبر على ما يحصل منه من جور وظلم، فليس من شرط
الإمام أن يكون معصوما لا يخطئ، ما دام أنه لم يخرج من الإسلام، وليس معنى ذلك أنه
لا يناصح عن الأخطاء؛ بل يناصح سرا بينه وبين الناصح.
قال صلى الله عليه وسلم: «الدَّينُ النَّصِيحَةُ»، قلنا لمن، قال: «لله وَلِكِتَابِهَ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([3])، فهذا من حقه على الرعية خصوصًا العلماء، فمن حقه عليهم أن يناصحوه فيما بينه وبينهم،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7145)، ومسلم رقم (1840).