يجب أن نتنبه لها، فقوله: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [العصر: 3]، هذه
المسألة الأولى: الإيمان، والإيمان لا يتحقق إلا بالعلم.
والمسألة الثانية: ﴿وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾، لا يكفي العلم بل
لا بد من العمل، ولا بد أن يكون العمل صالحًا، لأن أكثر الأعمال فاسدة، ذلك إذا لم
تكن على كتاب الله وسنة رسوله، ولكن لا يكفي أن يؤمنوا ويعملوا الصالحات، بل لا بد
من التواصي بالحق: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ﴾ أي: لا بد أن
يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وأن يعلموا الناس العلم النافع، هذا من التواصي
بالحق، فلا يكفي أن تصلح نفسك وتترك الناس بدون أن تعلمهم وأن تبلغهم وأن تنذر هم،
فلا بد أن تصلح نفسك ثم تسعى في إصلاح غيرك.
وهذه المسائل: الإيمان، والعمل،
لا بد فيها من المشقة، ولا بد أن ينالك فيها من الناس ما ينالك من الأذى، فلهذا
قال سبحانه: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾، وهذه هي المسألة
الرابعة، فعليك بالصبر، والصبر معناه حبس النفس عن الجزع، وحبس النفس عن الكسل،
لأن بعض الناس -مثلاً- ينشط في تعليم العلم والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، ثم إذا تعرض لأي مشقة أو لأي اعتراض أو لأي مجادل بالباطل،
انثنى عن العمل وتر كه ولم يتأمل قوله تعالى: ﴿يَٰبُنَيَّ
أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ
عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [لقمان: 17]، لا بد
من التحمل والصبر على التعب، وعلى لوم الناس، وعلى العراقيل، وعلى ملل النفس.
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد»، فالجسد وإن كان متعافي ومتكامل بالضخامة، إذا أزيل رأسه، انقطعت الحياة منه، كذلك الدين الذي ليس معه صبر ينقطع عن العمل.