×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 وإلى الكتابة عنهم في الصحف وغير ذلك، بل نلتمس لهم العذر، ونؤيدهم، ونشجعهم، وننبههم على ما يحصل منهم من الخطأ سرًّا بيننا وبينهم، لا من خلال الصحف والمجالس.

يذكرون عن الملك عبد العزيز رحمه أنه إذا جاءه من يتكلم في رجال الحسبة، فإنه يهدده، ويغلظ عليه، ثم ينصرف الذي جاءه بهذا الخبر، ولم يحصل شيئًا على رجال الحسبة، ثم يستدعي من حصل منه الخطأ سرًّا وينبهه، ويعالجه، فرجال الحسبة بشر، هل تتحرون أن تنزل ملائكة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟ لا؛ ليس هناك من يقوم بذلك إلا منكم ومن إخوانكم، وهم غير معصومين، ولكن نعالج الأخطاء بالطريقة الشرعية، ولا نتخذ من أخطاء البعض سبيلا للنيل من الكل، هذا سبيل المنافقين، فالمنافقون يفرحون في مثل هذه الأشياء، أما أهل الإيمان فهم يسوؤهم لهذا الشيء، ولكنهم يعالجونه بحكمة وتعاون ونصيحة، قال صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحةُ»، قلنا: لمن؟ قال: «لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعامَّتِهِم» ([1])، ينصحونهم بالطريقة التي لا يشعر بها الناس، وإنما تكون سرًّا بين الناصح والمنصوح، هكذا نتعاون مع إخواننا رجال الحسبة، وننبههم وننصحهم فيما بيننا وبينهم، ونشجعهم، وبين لهم الطريقة الصحيحة، ونُبيِّن لهم الخطأ حتى يتلاقوه، هكذا المسلمون كالجسد الواحد، قال صلى الله عليه وسلم: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» ([2])، وقال: «إنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» ([3]).


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (55).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6011)، ومسلم رقم (2586).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (481)، ومسلم رقم (2585).