×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

فالمؤمنون يتحابون سواء كانوا مجتمعين في مكان واحد، أو متفرقين في مشارق الأرض ومغاربها، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ [الحجرات: 10]، فهم إخوة في كل زمان ومكان، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ [الحشر: 10].

وللإيمان أثر على المؤمنين في التعاون بينهم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» ([1]).

هذه آثار الإيمان على المجتمع المسلم، جماعة وأفرادا فأنت تجدهم متحابين مترابطين متعاونين، وتجد الكفار والمنافقين متنافرين، وإن كانوا في ظاهرهم مجتمعين، قال تعالى: ﴿تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ [الحَشر: 14].

فالكفار متباغضون ولو أظهروا للناس أنهم مجتمعون، فالكفر يفرق بينهم، وأما الإيمان فهو يجمع بين قلوب المؤمنين، كان العرب في الجاهلية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم متعادين متنافرين متحاربين، كالوحوش يأكل بعضها بعضا، القوي يأكل الضعيف، ولا ترابط بينهم، ولا اجتماع بينهم، فلما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، جمعهم الله بالإيمان فصاروا إخوة متحابين في الله عز وجل.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2586).