×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 الإيمان لا يفرق بين عربي وعجمي، ولا بين أبيض وأسود، كلهم إخوان متحابون متعاونون؛ ولهذا ذكر الله عباده بهذه النعمة في قوله تعالى: أيها الذين﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ [آل عمران: 103]، فالله أنقذهم من النار، وأنقذهم من العداوة والبغضاء فيما بينهم، وجمعهم على الإيمان؛ أمة واحدة لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، لا فرق بين بلال الحبشي وسلمان الفارسي، وبين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر إخوانهم، فالإيمان جمع بينهم وألف بينهم فجعلهم إخوة في الله، لا في النسب، قد يكون أخوك من النسب أو أبوك من النسب أو قريبك من النسب، ولكنه إذا كان غير مؤمن فإنه عدوك. قال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ [المجادلة: 22].

فهذا أثر عظيم من آثار الإيمان، أنه يجمع بين القلوب، ويؤلف بين الناس وإن اختلفت ألسنتهم وألوانهم، وأجناسهم، وأزمانهم، يؤلف بينهم الإيمان، فالذين يأتون إلى الحج والعمرة من مختلف الأجناس والجهات واللغات والألوان يتجهون اتجاهًا واحدًا، يصلون، ويقفون بعرفة، ويأتون إلى مزدلفة، جميعًا لايختلف منهم أحد، ولا يسوقهم طمع دنيوي ولا سلطة قوم يسوقهم الإيمان، فهو الذي يجمعهم من مشارق الأرض ومغاربها وفي مواطن الزحام لا يضر بعضهم بعضا،


الشرح