بالبناء، «إِلاَّ سَوَّيْتَهُ» يعني: هدمتَ البناء
الذي عليه.
وكذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، وطِلائها بالجَص أو
بالنُّورة أو بالبويات أو الألوان المزخرفة؛ لأن هذا يَغر العوام، ويظنون أنه ما
عُمِل به هذا العمل إلاَّ لأنه له خاصية.
ونهى صلى الله عليه وسلم عن الكتابة على القبور، فلا يُكتب على القبر اسم
الميت، ولا تاريخ وفاته، ولا مكانته، فلا يقال: هذا قبر العالِم الفلاني الذي
عَمِل كذا وكذا! كل هذا لا يجوز؛ لأن الناس قد يغترون بهذا فيما بعد، ويقولون: ما
كُتبت هذه الكتابة إلاَّ لأن هذا الميت له خاصية!
كل هذه الأمور نَهَى عنها الشارع؛ لأنها وسائل إلى الشرك.
والمشروع في القبور أن تُدفن بترابها - كما كان على عهد النبي صلى الله
عليه وسلم - وتُرفع بالتراب عن الأرض قدر شبر؛ من أجل أن يُعْرَف أنها قبور فلا
تداس، ويُجعل عليها نصائب من طرفيها لتحديد القبر؛ لأجل أن لا يوطأ، وما زاد عن
ذلك فهو ممنوع.
هكذا كانت القبور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه سُنة النبي صلى
الله عليه وسلم في دفن الأموات.
المسألة التاسعة: فيه أن دَرْء المفاسد مُقَدَّم على جلب المصالح. وهذه
قاعدة مشهورة؛ لأن عمل قوم نوح فيه مصلحة جزئية وهي تَذَكُّر حالة الصالحين، لكن
المفسدة أكبر من هذا، وهي أن ذلك يَؤُول إلى الشرك، والعياذ بالله.