و«دينَهم» مفعول؛ لأن المصدر إذا أضيف يعمل عمل فعله، فـ «دينَهم» مفعول به لـ «تَرْكِهم».
وقوله: «تَرْكِهم دينَهم»
تأكيد لقوله: «سبب كفر بني آدم»؛
لأن ترك الدين والكفر بمعنى واحد.
أو أن يكون «كُفْر بني آدم»
الكفر الأصلي، و«تَرْكهم دينهم» ردة.
فيكون مراد الشيخ رحمه الله: أن سبب الكفر الأصلي وسبب الردة هو «الغلو».
والغلو في اللغة: الزيادة، يقال: غلا السعر، إذا زاد. وغلى القِدْر، إذا
ارتفع فيها الغليان بسبب الحرارة.
والغلو شرعًا: هو الزيادة عن الحد المشروع.
والغلو يكون بالقول وبالاعتقاد وبالفعل؛ كأن يقول قولاً فيه زيادة عن الحد
المشروع. أو يعتقد في شخص أو في شيء اعتقادًا زائدًا عن الحد المشروع. أو بالفعل؛
كأن يَزيد في العبادة عن الحد المشروع، ويتشدد في الدين في التحليل والتحريم،
ويتشدد في التعبد والصيام والصلاة... وغير ذلك، حتى يشق على نفسه، هذا غلو في
العبادة.
وهو في جميع أنواعه محرم، والتساهل أيضًا محرم، والمطلوب والمشروع
الاعتدال: بين الإفراط والتفريط، بين الغلو والتساهل، بين الجفاء والتشدد، فلا
يكون العبد مُعْرِضًا وجافيًا، ولا يكون غاليًا ومتشددًا؛ كما يقول الشاعر:
ولا تَغْلُ في شيء من الأمر واقتصِدْ **** كلا
طرفَي قصد الأمور ذميمُ