قوله: «هو الغلو في الصالحين»
المراد بالصالحين من العِباد: الأنبياء والأولياء والعلماء.
فلا يغلو العبد في أحد منهم حتى يرفعه فوق منزلته؛ لأن هذا سبب في الشرك به
وعبادته من دون الله عز وجل.
فالغلو في الشخص سبب للشرك بعبادته، والغلو في العبادة سبب لترك العبادة؛
لأن الإنسان بشر، يعتريه الملل، فيترك العبادة بسبب أنه زاد على نفسه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للمُنْبَتِّ - أي: الذي عَطِب مركوبه من
شدة السير-: «لاَ أَرْضًا قَطَعَ، وَلاَ
ظَهْرًا أَبْقَى» ([1]). مثل الذي يكون في
سفر، فيسرع في سيره ويُكثر، فتَكِلّ راحلته وتعجز، فيبقى بدون راحلة، لا ظهرًا
أبقى، وتبقى المسافة لم يقطعها. أما إذا كان الإنسان يعمل بجِد واعتدال، فهو
كالمسافر الذي يعتدل في سيره ويريح راحلته، فإنه يقطع المسافة وتبقى راحلته.
ودين الله متين، لا أحد يحصيه؛ كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلاَّ غَلَبَهُ» ([2])، ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقِيمُوا، وَلَنْ تُحْصُوا» ([3]).
([1]) أخرجه: ابن المبارك في الزهد رقم (1178)، والبيهقي في الشعب رقم (3602) والقضاعي رقم (11477).