والإطراء: معناه الغلو والزيادة في المدح؛ لأن هذا يجر إلى الشرك، فابن مريم
أطراه النصارى ومدحوه حتى آل بهم الأمر إلى أن قالوا: إنه ابن الله! وعبدوه من دون
الله.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يَنْهَى هذه الأمة عن الغلو في مدحه، فلا بأس أن
يُمْدَح صلى الله عليه وسلم بصفاته الكريمة، فقد مدحه حسان بن ثابت رضي الله عنه،
ومدحه الشعراء في وقته صلى الله عليه وسلم، لكن مِن دون غلو.
وليس كما يقول صاحب البُردة:
يا أَكْرَمَ الخلق ما لي مَن ألوذ به **** سواك عند حلول
الحادث العَمَمِ
إن لم تكن في معادي آخذًا بيدي **** فضلاً وإلا فقل يا
زَلة القَدَمِ
فإن من جودك الدنيا وضَرَّتَها **** ومن علومك علم اللوح
والقَلَمِ
فهذا البوصيري غلا في مدح النبي صلى الله عليه وسلم حتى زعم أنه لا
يُخَلِّص من العذاب إلاَّ الرسول، وأنه إن لم يُخَلِّصه فإنه هالك! ونَسِي الله
سبحانه وتعالى، بل ادعى أن الدنيا والآخرة من جود النبي صلى الله عليه وسلم، وليست
لله عز وجل ! وأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، ويعلم ما في اللوح المحفوظ
الذي كُتب بالقلم الذي أَمَره الله سبحانه وتعالى !
فهذا من الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي جرَّهم إلى الشرك بالله
عز وجل، حيث انصرف الناس إلى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب هذا المدح
الزائد عن حقه صلى الله عليه وسلم.
وليس من شك في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم له حق، لكن حق الله أعلى.