فعيسى عليه السلام رسول من الرسل، وأمه صِديقة من الصِّديقين، وليس كما
يقولون: إنه ثالث ثلاثة.
قوله: ﴿كَانَا
يَأۡكُلَانِ ٱلطَّعَامَۗ﴾ كان عيسى ومريم يأكلان الطعام، فدل على أنهما بشر
مخلوقان؛ لأن الرب سبحانه لا يأكل الطعام؛ لأنه ليس بحاجة إلى الطعام، ومَن كان
يأكل الطعام دل هذا على نقصه وحاجته إلى الطعام، وأنه لو لم يأكل الطعام لهلك.
وكونهما يأكلان الطعام هذا دليل على أنهما ليسا بأرباب، فهذا برهان عقلي على بطلان
اعتقاد إلهية المسيح وأمه.
فالحاصل: أن قوله عز وجل: ﴿يَٰٓأَهۡلَ
ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ﴾ وإن كان المُخاطَب به بني
إسرائيل، إلاَّ أن اللفظ عام يشمل الجميع، يشمل المسلمين؛ لأن القرآن جاء
للمسلمين، وهذه الآية من القرآن، فليس النهي عن الغلو خاصًّا ببني إسرائيل أو بأهل
الكتاب.
فهذا هو الشاهد من الآية، النهي عن الغلو؛ لأنه كان سببًا في شرك أهل
الكتاب بالله عز وجل.
فكذلك الذين غَلَوا في الصالحين من هذه الأمة حتى عبدوهم مع الله سبحانه
وتعالى، وجعلوا لهم شيئًا من الربوبية، سواءً بسواء.